خطیب صلاة الجمعة في العاصمة السویدیة ستوکهولم: یجب ان نحترم و نعظم شهر رجب لانه شهر خیر و برکة

بحضور جمع من المومنین و المومنات أُقيمت صلاة الجمعة في العاصمة السويدية ستوكهولم بتاریخ 24 مارس / آذار 2017 بإمامة سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محسن حكيم الهي في مرکز الإمام علي * عليه السلام * الاسلامي.

 

 

 

 

أكد سماحته في خطبته الأولى على تقوى الله سبحانه وتعالى لأن التقوى هي السلم الذي يصل الإنسان من خلالها إلى مدارج الكمال ويرتقي به إلى المقامات السامية لذلك يقول السید الامام * رحمة الله علیه * في بيان التقوى العامة : إعلم أيها العزيز أنه مثلما يكون لهذا الجسد صحة ومرض وعلاج ومعالجاً فإن النفس الانسانية ايضاً صحة ومرضاً وسقماً وسلامة وعلاجاً ومعالجا ان صحة النفس و سلامتها هي الاعتدال في طريق الانسانية  ومرضها وسقمها هو الاعوجاج والانحراف عن طريق الانسانية وان الأمراض النفسية أشد فتكاً بآلاف المرات من الأمراض الجسمية ، وذلك لأن هذه الأمراض إنما تصل الى غايتها بحلول الموت ، فما أن يحل الموت وتفارق الروح البدن حتى تزول جميع الامراض الجسمية و الاختلالات المادية ، ولا يبقى اثر للآلام أو الأسقام في البدن ، ولكنه إذا كان ذا أمراض روحية وأسقام نفسيّة  لا سمح الله  فإنه ما أن تفارق الروح البدن وتتوجه الى ملكوتها الخاص حتى تظهر آلامها واسقامها .

 

وشدد سماحته على ضرورة ترك الذنب لانه هو الداء الذي يؤدي الى موت الروح كما يؤدي المرض الى موت الجسد ولو كان البدن يرتاح بالموت من الاسقام والآلام فلا ترتاح الروح بعد الموت بل تجد أثره حياً وتجده محضراً أمامها .وآلام الروح أما أن تكون ملازمة للروح لا تنفك عنها وأما أن تكون قابلة للزوال كما يقول السید الامام ( قدس سره ) فكلما ازداد تعلق الروح بالذنب كلما صعب التخلص منها . والأفضل أن تتخلص الروح منها قبل الوقوع فيها لأن الوقاية خيرمن العلاج وهذه هي الشفاعة القيادية المتمثلة بالأنبياء والكتب التي تقود الانسان نحو الخير والصلاح وتحذره أن يقع في المهالك وهي التي يقول فيها سيد المتقين ( فإن القرآن لكم شافع مشفّع ) فالأنبياء بمنزلة الاطباء المخلصين الذين ليس لهم همّ الارفع الضرر عن المريض مع غضّ النظر عن مصالحهم وايصال الأذى اليهم  ومع بذل كل ما يملكون من جهد في سبيل تربية الفرد نظريّاً وعمليّاً .

 

 والتقوى بتعبير سيد الاوصياء حمية الاولياء فحميتهم من الوقوع في المهالك فالأمراض الروحية تغلب على النفس مع عدم الحمية يقول السید الامام ( قدس سره ) قد يغلب الدواء والطبيعة على المرض في الامراض الجسمية حتى مع عدم الحمية جزئيا ، وذلك لأن الطبيعة هي نفسها حافظة للصحة دواء لها ولكن الأمر في الامراض النفسية صعب ، وذلك لأن الطبيعة قد تغلبت على النفس منذ البداية ، فتوجهت هذه نحو الفساد والإنتكاس  إن النفس لأمارة بالسو وعليه فإن من يتهاون في الحمية تصرعه الأمراض وتجد مناطق للنفوذ إليه حتى تقضي على صحته قضاءً مبرما ً.

 

ودعا سماحته الى مكارم الأخلاق لانها هبة الله تعالى يهبها لخلقه ترتفع بصاحبها إلى الدرجات العليا والمراتب الرفيعة، وهي درع واقية ضد الآثام والدنس فلذا أكثر أهل البيت عليهم السلام من الحث عليها:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَلَيكُم بمَكارِمِ الأخْلاقِ، فإنّ اللهَ عزّ وجلّ بَعثَني بها، وإنَّ مِن مَكارِمِ الأخْلاقِ أنْ يَعْفُوَ الرّجُلُ عَمَّنْ ظَلمَهُ، ويُعْطيَ مَن حَرمَهُ، ويَصِلَ مَن قَطعَهُ، وأنْ يَعودَ مَن لا يَعودُهُ»  وقال الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ اللهَ تباركَ وتعالى خَصَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بمَكارِمِ الأخْلاقِ، فامْتَحِنوا أنفسَكُم؛ فإن كانتْ فِيكُم فاحْمَدوا اللهَ عزّ وجلّ وارغَبوا إلَيهِ في الزّيادَةِ مِنها. و هی عَشرَةٌ : اليَقينُ، والقَناعَةُ، والصَّبرُ، والشُّكرُ، والحِلْمُ، وحُسنُ الخُلقِ، والسَّخاءُ، والغَيرَةُ، والشَّجاعَةُ، والمُروءَةُ» وعند التأمل في هذين الحديثين نجد ان الإمام عليه السلام يحث على رفض الشك باطناً وظاهراً، والرضا بما قسم الله تعالى، والتحلي بعدم الجزع ونبذ الجزع ونبذ الشعور بالملل لاسيما في الطاعات، والعرفان بالجميل ومكافأة المنعم والتحلي بضبط النفس عند الغضب والعشرة بالمعروف والتلبس بالآداب الجميلة و الكرم والبذل ابتداءً أو عند السؤال، والحرص على الدين والمعرض والمقدسات، ورد العادي والثبات له و الفتوة والشيمة، وقول الحقيقة، والحفاظ على أمانات الناس وإرجاعها، والتواصل مع القربى وإكرام الضيف وحسن الجوار والخجل من الله تعالى ومن الناس عند الإقدام على ما يخدش الحياء.كما أن هناك صفات أخرى عدّها الأئمة عليهم السلام من مكارم الأخلاق كالعفو عن الظالم ومواساة الرجل أخاه في ماله وذكر الله تعالى كثيرا.

 

  ودعا سماحته الى الأستعداد لشهر رجب المرجب وتمنى أن يكون شهر خير وبرکه على جميع المسلمين لأن شهر رجب من الأشهر العظيمة والمباركة، وقد تظافرت الأخبار الواردة عن الأئمّة الطاهرين المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في جلالة قدره ولزوم احترامه وأنّه شهر عظيم البركة. وهو من الأشهر الحُرم التي ذكرها الله عزّوجلّ في كتابه العزيز بقوله عزّ من قائل:«إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حُرُم». وهذه الأربعة ثلاثة جمع  وهي: ذي القعدة وذي الحجّة و محرم وواحد فرد وهو رجب، ولذلك يسمّى رجب الفرد. وعن الإمام موسى الكاظم سلام الله عليه : « رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات ويمحو فيه السيّئات ».

 

في الیوم الاول من هذا الشهر كان مولد الإمام أبى جعفر محمد بن على الباقر عليه السلام على رواية وقد سبق عليه السلام الأئمة المعصومين في كونه أول وليد ينتهي نسبه الى علي عليه السلام، وأمه فاطمة بنت الإمام الحسن التي وصفها الإمام الصادق عليه السلام بأنّها صديقة لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها فهو هاشمي من هاشميين وعلويّ من علويين . وفي الیوم الثانی ولد الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام کما نقرا فی الدعا «ا للهم إني أسألك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني وابنه علي بن محمد المنتجب  وموضع ولادته كان بالقرب من المدينة وكنيته أبو الحسن الثالث، والعسكري أشهر ألقابه. وفي الیوم الثالث من هذا الشهر كانت شهادة الإمام علي بن محمد الهادي صاحب العسكری عليه السلام  قتله المتوكل العباسي عليه اللعنة بسم دسه إليه وله عليه السلام من العمر يومئذ أربعون عاما. و لیله الجمعه الاولی هی ليلة الرغائب : التي أكَّد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على إحيائها بقوله:"  ولا تغفلوا عن أول ليلة جمعة منه فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك أنه إذا مضى ثلث الليل لم يبقَ ملك في السماوات والأرض إلا يجتمعون في الكعبة وحولها ويطلع الله عليها اطلاعة فيقول لهم: يا ملائكتي، سلوني ما شئتم، فيقولون : ربنا حاجتنا أن تغفر لصُوَّام رجب، فيقول الله تبارك وتعالى : قد فعلت ذلك .

 

 وقد ذكر النبي صلوات الله وسلامه عليه عمل هذه الليلة من صلاة و دعاء، عقَّبه صلى الله عليه وآله بالقسم بالله أن من فعله غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال و عدد أوراق الأشجار. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّقنا وإيّاكم للعمل الصالح، والمبرّات، والخيرات، وطاعته عزّوجلّ في هذا الشهر العظيم، متمنّين للجميع التوفيق والخير بحقّ محمّد وآله الطاهرين . جاء ذلك خلال لقاءه بالجموع الإيمانية خلال صلاة الجماعة التي أُقيمت في مركز الإمام علي * عليه السلام * الثقافي الإسلامي في العاصمة السويدية ستوكهولم وذلك في يوم الجمعة المصادف ٢٤ مارس ٢٠١٧ الموافق ٢٥ جمادي الثاني ١٤٣٨

 

ومابين الصلاتين اجريت سحبة ختمة القرآن الكريم قام بالسحبة سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد احمد الحسيني وقد كانت الفكرة ترجع الى مواسم الحج كما بين الحاج عماد ابو انفال انهم كانوا يختمون القراءن في مكة والمدينة المنورة على شكل ختمة توزع على الحجاج ومن هنا استوحى هذه الفكرة وطبقت في مسجد الامام علي * عليه السلام * ولاقت ترحيب من المصلين لما تحمل من فوائد كثيرة واضاف ابو انفال ان السحبة تجرى كل يوم جمعة في صلاة الجمعة المباركة والهدية هي مصحف وكذلك تجرى سحبة كل ثلاثة اشهر الى اللذين لم يحالفهم الحظ في السحبة الاسبوعية والهدية هي تذكرة الى مشهد المقدسة الى مشهد الامام الرضا * عليه السلام * وأن كل الختمات القرأنية مهداة الى مولانا صاحب الأمر * عجل الله فرجه الشريف * وأم البنين * عيها السلام * وشهداء الحشد الشعبي المقدس .

 

في نهاية الصلاة ابتهل المصلون الحاضرون الى الله تعالى بأن يعجل في فرج مولانا الإمام المنتظر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء و يحفظ وحدة المسلمين ويبعد عنهم الضر ومن الجدير بالذكر إن الصلاة  الجماعة – الجمعة - تقام كل اسبوع في المركز الذي أصبح معلماً هاماً ومركزا للفكر وإشاعة الفضيلة .

 

 

ستوکهولم - احمد الناجي

 

----

تم النشر: 27-03-2017