خطیب صلاة الجمعة في ستوکهولم: مراقبة النفس هي ملاحظة الرقيب

اقيمت صلاة الجمعة في مصلى مركز الامام علي الاسلامي في ستوكهولم بتاریخ 14 یولیو/تموز 2017 بامامة سماحة حجة الاسلام و المسلمین الشيخ محسن حكيم الهي المشرف العام على المركز وبحضور جمع من الجالية الاسلامية في العاصمة ستوكهولم.
 
في خطبة صلاة الجمعة الاولى استكمل سماحة الشيخ حكيم الهي حديثه عن موضوع محاسبة النفس مستهلاً حديثه بالاية الكريمة :
 
( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعاً فَيُنِبَئُهُم بِمَا عَمِلُوْا أَحصَاهُ الله ونَسُوُه والله عَلَى كُلّ شَيء شَهِيدٌ )
 
 
 
 
 
 
 
 
وبحديث النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم :
حاسبوا أنفسكم قبل أن تـُحاسَبوا و زنوها قبل أن توزنوا وتجهّزوا للعرض الأكبر.
 
واضاف سماحته :
 
حينما يعلم الإنسان صاحب العقل السليم أنه سيحاسب على كلّ أفعاله وأعماله وحركاته وسكناته وأنّ المحاسِب لا تخفى عليه خافية ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها وأنّه على كلّ شي‏ء شهيد فالجدير به أن يستعدَّ لذلك اليوم ويحسب له حسابه ليخرج من ذلك الإِمتحان الإلهي العظيم 
ثم عرج سماحته الى موضوع درجات المراقبة.
 
فالمراقبة هي ملاحظة الرقيب 
 
وتحصل من معرفة الله تبارك وتعالى و العلم باطلاعه على الضمائر وعلمه بالسرائر التی لا تخفى عليه خافية هذا من جانب ومن جانب آخر المعرفة بعظمة الرقيب وقدرته. 
 
فإنّ الموقنين بهذه المعرفة تكون مراقبتهم على درجتين: 
 
إحداهما: 
 
مراقبة المقرَّبين: وهي مراقبة التعظيم والجلال فإنَّهم بسبب معرفتهم بعظمة الباري وجلاله تصير قلوبهم مشغوله بملاحظة ذلك الجلال ومنكسرةً تحت تلك الهيبة والعظمة فلا يبقى فيها مُتّسع للألتفاتَ الی الغير وهؤلاء هم الذين صار همّهم همّاً واحداً وكفاهم الله سائر الهموم. 
الثانية: مراقبة الورعين من أصحاب اليمين : وهم قومٌ غلب يقين إطلاع الله على خواطرهم وبواطنهم ولكن لم يدهشهم ملاحظة الجمال والجلال بل بقيت قلوبهم على حدِّ الاعتدال متسعة للتوجه إلى الأحوال والأعمال والمراقبة فيها، وغلب عليهم الحياء من الله تبارك وتعالى، فلا يقدمون ولا يحجمون إلاّ بعد التثبّت، ويمتنعون عن كلّ ما يُفضحون به في يوم القيامة لانّهم يرون الله مطّلعاً على ظاهرهم وباطنهم وسرّهم وعلنهم. فعلينا أن نراقب الله سبحانه وتعالى - في الأقل - بقدر مراقبتنا للإنسان الأَعتيادي، ونستحي منه بقدر حيائنا من الناس. فإن أحدنا عندما يريد أن يرتكب عملاً خلافياً ويعلم أنّ شخصاً مطّلع عليه نراه يمتنع خوفاً أو حياءاً. کما نقرء في دعاء أبي حمزة الثمالي: فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرُك ما فعلته، ولو خفت تعجيل العقوبة لا جتنبته لا لأنّك أهون الناظرين وأخف المطّلعين علی بل لأنَّك يا ربّ خير الساترين وأحكم الحاكمين وأكرم الأكرمين ستّار العيوب غفّار الذنوب عَلاّم الغيوب تستر الذنب بكرمك وتؤخّر العقوبة بحلمك...«.
   
و اما اقسام المراقبه
 
 الانسان لا يخلو إمّا أن يكون في طاعة أو معصية أو مباح.
 
فمراقبته في الطاعة: بالقرب والأخلاص و الحضور والإكمال وحراستها عن الآفات ومراعاة الأدب. 
 
ومراقبته في المعصية: بالتوبة والندم والإقلاع والحياء والاشتغال بالتفكير.
 
ومراقبته في المباح: بمراعاة الآداب كأن يأكل بعد غسل اليدين والتسمية وغير ذلك من الآداب المقررة للطعام في الشرع المقدَّس والصبر على البلاء فانّ لكلّ منها حدوداً لابدّ من مراعاتها بدوام المراقبة، قال الله تعالى: ومن يتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه .
 
وخاطب سماحته الحضور قائلاً :
 
ایها المومنون رحمکم الله  : 
 
المحاسبة و المراقبه تحتاج الی العزم و المجاهده قال الله الحکیم  في كتابه الكريم ( وَالِّذينَ جَاهَدوا فِينَا لَنَهديَنَّهُمْ سُبُلَنَا وإنَّ الله لَمَعَ المُحْسِنِين ). 
 
وعن الأَمام الصادق (ع): 
 
طوبى لعبدٍ جاهد لله نفسه وهواه. 
 
کما تحتاج الی المعاقبة والمعاتبة وذلك فيما لو تبيّن له تقصير النفس في أداءِ الوظيفة والتقصير فيما شرط عليها فإِنّه ينبغي له أن يوبّخها ويعاتبها ويؤدّبها ويعاقبها ببعض العقوبات .
 
 
 
 
 أما الخطبه الثانیة للصلاة 
 
فقد تطرق سماحة الشيخ الى وفاة السيد عبد العظيم الحسني ( رحمه الله ) قائلاً :
 
 في مثل هذه الایام ارتحل الی الرفیق الاعلی السید الکریم عبد العظیم الحسنی المعروف بـ (شاه عبد العظيم) من أحفاد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام . 
فقد كان السید رجلا ، زاهدا ، متقيا ، ورعا ، الا أنه هرب من جور الخليفة العباسي الى إيران ، ليعيش في سرداب لأحد الشيعة في محلة سكة الموالي في مدينة الري ، وأخذ الشيعة يتوافدون عليه متسترين لينهلوا من علمه.                
 
 
مكانته العلمية: 
 
كان السيد عبد العظيم الحسني "رضوان الله تعالى عليه" من كبار العلماء والمحدثين الشيعة ، ومن أصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد والإمام الهادي (ع) وكان ذا عقيدة كاملة بالأئمة ، فقد دخل يوما على الإمام الهادي (عليه السلام) ليعرض عليه معتقداته ، فلما نظر اليه الإمام عليه السلام قال :
 "مرحبا بك يا أبا القاسم ، أنت ولينا حقا ." 
 
كما أن الإمام الهادي (عليه السلام) قال لحماد الرازي إذا أشكل عليك شيء من أمر دينك بناحيتك ، فسل عنه عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، وإقرأه مني السلام). 
 
وقد جمع السيد عبد العظيم خطب الإمام علي (ع) في كتاب عرف بـ(خطب أمير المؤمنين)     
 
 
وفاته: 
 
مرض(رضوان الله عليه) مرضا شديدا أدى به الى وفاته في الخامس عشر من شوال 252 هجري ، أيام الإمام الهادي (عليه السلام) و دفن في مدينة ري ، جنوب العاصمة طهران ، 
ومزاره اليوم ملاذا للمؤمنين والموالين لأهل البيت. 
 
ما رواه السيد الكريم عبد العظيم الحسني عن الأئمة المعصومين کثیره احدها یقول: "دخلت على سيدي محمد بن علي (ع) وأنا أريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره؟ فإبتدأني فقال: يا أبا القاسم: إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره وهو الثالث من ولدي والذي بعث محمدا بالنبوة وخصنا بالإمامة أنه لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وإن الله تبارك و تعالى يصلح أمره في ليله كما أصلح أمر كليمه موسى (ع) ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول ثم قال (ع) أفضل أعمال شيعتنا إنتظار الفرج". وعن عبد العظيم الحسني(ع) عن محمد بن علي بن موسى(ع) في حديث قال: القائم الذي يطهر الله به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأها عدلا وقسطا هو الذي تخفى على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه . 
          
 
 
فضل زيارة عبد العظيم بن عبد الله الحسني رضي الله عنه 
 
علي بن أحمد عن حمزة بن القاسم عن محمد العطار عن رجل عن أبي الحسن العسكري (ع) قال دخلت عليه فقال أين كنت فقلت زرت الحسين (ع) قال أما لو أنك زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن علي صلوات الله عليهما. 
عن البرقي قال كان السید عبد العظيم قد ورد الري هاربا من السلطان و سكن سردابا في دار رجل من الشيعة في سكه الموالي و كان يعبد الله في ذلك السرداب و يصوم نهاره و يقوم ليله و كان يخرج مستترا يزور القبر المقابل قبره و بينهما الطريق و يقول هو رجل من ولد موسى بن جعفر (ع) فلم يزل يأوي إلى ذلك السرداب و يقع خبره إلى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمد عليه وعليهم السلام حتى عرفه أكثرهم فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول الله (ص) قال له إن رجلا من ولدي يحمل من سكة الموالي ويدفن عند شجرة التفاح في باب عبد الجبار بن عبد الوهاب وأشار إلى المكان الذي دفن فيه فذهب الرجل ليشتري شجرة الرجل ومكانها من صاحبها فقال له لأي شي‏ء تطلب الشجرة ومكانها فأخبره بالرؤيا فذكر صاحب الشجرة أنه كان رأى مثل هذه الرؤيا وأنه قد جعل مواضع الشجرة مع جميع الحدیقه وقفا على الشريف والشيعة يدفنون فيها فمرض عبد العظيم ومات رحمه الله 
فلما جرد ليغسل وجد في جيبه رقعة فيها ذكر نسبه فإذا فيها أنا أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام. 
یقول احد العلماء لقد تشرفت بزيارة الحاج حسين شايسته الذی کان عمره اكثر من 80 عام وهو من عرفاء طهران ومن تلاميذ العارف الكبيرالشيخ رجبعلی الخياط قدسره الشريف سألته عن السبب الذي جعل الامام الهادي (ع) يقول بحق السيد عبد العظيم الحسني (ع) من زارعبد العظيم الحسني في الري كان كمن زار الحسين بكربلا  فقال لي :لقد سألت استاذي الشيخ الخياط قدس الله نفسه الزكيه نفس هذا السؤال فاجابني الشيخ قائلا : لقد حصلت لي مكاشفة فشاهدت فيها السيد الكريم عبد العظيم الحسني نفسه وقلت له : ماهو العمل الذي عملته حتى نلت بهذا الشرف من الامام الهادي (ع) ثواب زيارتك تعادل ثواب زيارة الامام الحسين (ع) ؟ 
 
 
فقال السيد عبد العظيم : 
لما وفدت على مدينة الري في ايران وجدت ان عدد النسخ من القران الكريم التي يقرء بها الناس قليلة جدا فلزمت البيت حتى كتبت عدة نسخ من القران الكريم و وزعتها على الناس حتى يقرئون بها القران الكريم وبذلك نلت هذا الشرف من الامام الهادي (ع)
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا في الدنيا زيارته وفي الآخرة شفاعته وشفاعة جده أمير المؤمنين وجدته فاطمة الزهراء والأئمة المعصومين عليهم أفضل الصلاة والسلام.
وفي ختام الصلاة ابتهل سماحة الشيخ بالدعاء للحاضرين ولعموم المسلمين بالامن والامان والخير والبركة والاحسان وان يعجل الله فرج سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
 
 
 
----
تم النشر: 19-07-2017