خطیب صلاة الجمعة في ستوکهولم: احسن شيء يمكن للمرء أن يكون مستعدا ومستمرا بطاعة الله هو محاسبة ومراقبة النفس

اقيمت صلاة الجمعة في مصلى مركز الامام علي (ع) في ستوكهولم بامامة سماحة الشيخ محسن حكيم الهي (دام عزه) حيث تطرق سماحته في خطبة الصلاة الأولى إلى موضوع غاية في الأهمية وهو  ( محاسبة النفس ):
 
فقد افتتح سماحته الخطبة بقول الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله )  : 
 
" حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا ، أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ "  .
 
وتابع الشيخ حكيم الهي بأننا إنتهينا من شهر رمضان المبارك ، شهر الصيام ، والعبادة وفيه تغفر الذنوب والخطايا ويكون المرء كيوم ولدته أمه ، كما جاء على لسان أمير المؤمنين علي بن ابي طالب( عليه السلام ) :
 
 "  واعلموا عباد الله أن أدنى ما  للصائمين والصائمات أن يناديهم ملك في آخر يوم من شهر رمضان أبشروا عباد الله فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون " .
 
 
 
 
 
 
وتسائل سماحة الشيخ حكيم الهي : 
 
كيف لنا ان نحافظ على الاستمرار بطاعة الله إلى شهر رمضان في السنة القادمة ؟
 
وأكد سماحته على ما يعتقد به علماء الأخلاق بأنه احسن شيء يمكن للمرء أن يكون مستعدا ومستمرا بطاعة الله هو محاسبة ومراقبة النفس ، يقول أحد تلامذة السيد الطباطبائي صاحب  تفسير الميزان انه سأله في آخر دقائق عمره الشريف ، ماذا نعمل؟  
 
وما هي اسهل الطرق للوصول إلى القرب من الله تعالى ونستفيد من عمرنا ؟ 
 
فنظر إليه  السيد (رض) ، وقال :
 
" المحاسبة والمراقبة رددها ثلاث مرات "
 
وتابع سماحته بعرض أسئلة ومن ثم الإجابة عليها ، ومنها : ما هو تعريف المحاسبة ؟
 
وهو أن يعين الإنسان في كل يوم وليلة وقت يحاسب نفسه أن وجدها طائعة للواجبات يشكر الله على ذلك ، أو كانت مرتكبة للمعصية يحاسب نفسه ويعاتبها وان يعاهد الله ان لا يعود للذنب مرة أخرى ، وان رجحت كفة الحسنات على السيئات شكر الله تعالى لما وفقه إليه وشرف له من جميل طاعته  ، وان رجحت معاصية أدب نفسه على الاقلاع عنها. 
 
وقال سماحته:
 النقد والمحاسبة للنفس اداتان رئيسيتان من أدوات تصحيح السلوك والفكر للشخصية الإنسانية ، فما من شيء في عالم الإنسان يتصف بالكمال المطلق وكل شيء في حياته يحتاج إلى المراجعة والتنقيح والتصحيح والتسديد ، ليخلص من الشوائب والنواقص والعثرات وأسباب الضعف والتخلف ، فقد دل النقل والعقل على ثبوت المحاسبة يوم القيامة ، وان العليم بالسرائر والضمائر سيحاسبهم في كل صغيرة وكبيرة ومطالبهم بكل الخطرات والخفايا ، حيث قال تعالى في محكم كتابه المجيد ((  وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ )) .
وفي موضع آخر قال تعالى:
 
((يَوْم يَبْعَثهُمْ اللَّه جَمِيعًا فَيُنَبِّئهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّه وَنَسُوهُ وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد)) .
وقال الله عز وجل على لسان لقمان : " يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ " .
 
ثم عرّج سماحته الى أهمية المحاسبة وهي أن يعلم الإنسان أنه سيحاسب على كل أفعاله ، أعماله ، سكناته وخطراته ، وان المحاسب لا تخفى عليه خافيه ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا إحصاها .
فجدير بالإنسان أن يستعد لهذا اليوم ليخرج من ذلك الامتحان الالهي العظيم .
 
وقد أكدت الشريعة كتابا وسنة على المحاسبة والمراقبة ، قال تعالى :
 
 " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ *  وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " .
 
فالمراد في الآية الكريمة من النظر هو المحاسبة على الأعمال. 
 
وقال الإمام الصادق (عليه السلام ):
 
" إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلا أعطاه، فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله عز ذكره، فإذا علم الله عز وجل ذلك من قلبه لم يسأله شيئاً إلا أعطاه ، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإن للقيامة خمسين موقفاً، كل موقف مقداره ألف سنة، ثم تلا في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ؛ .
 
ومن وصية طويلة وصى بها رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبا ذر الغفاري ( رض ) : " يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب ، فإنه اهون لحسابك غدا ...... " .
 
وقال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " اكيس الكيسين من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت ". 
 
 
وفي الخطبة الثانية لصلاة الجمعة
 تطرق  الشيخ حكيم الهي ( دامعزه ) إلى نقطتين :
 
الاولى :
 
 تحرير  مدينة الموصل واسقاط دولة الخرافة والضلال.
 
فقد تقدم سماحته بالتهنئة والشكر إلى المقاتلين والمجاهدين بمختلف مسمياتهم  ، ونوه على اهمية الجهود الذي قدمه الشهداء ولهذا طلب سماحته من المصلين  قرآءة سورة المباركة الفاتحة على أرواح الشهداء جميعا .
 
 
الثانية :
 
مناسبة شهادة الامام الصادق (ع) 
 
 ففي يوم 25 من شهر شوال يصادف استشهاد الإمام الصادق (عليه السلام ) ولهذا خصص سماحته بعضاً من فضائل الإمام الصادق( عليه السلام ) ، وهي كالتالي : 
 
 
اولا :
 
وقال شيخنا المفيد (رحمه اللّه): "وكان الصادق جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين (عليهم السلام) من بين اخوته خليفة ابيه محمد بن عليّ (عليه السلام) ووصيه والقائم بالامامة من بعده وبرز على جماعتهم بالفضل وكان أنْبههم ذكراً واعظمهم قدراً واجلهم في العامة والخاصة، ونقل ، الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر ذكره في البلاد ولم ينقل عن احد من اهل بيته العلماء ما نقل عنه ولا لقي احد منهم من اهل الآثار ونقلة الاخبار، ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن ابي عبد اللّه (عليه السلام)، فان اصحاب الحديث قد جمعوا اسماء الرواة عنه من الثقات، على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا اربعة آلاف رجل وكان له (عليه السلام) من الدلائل الواضحة في امامته ما بهرت القلوب واخرست  المخالف عن الطعن فيها بالشبهات. 
 
 
  ثانيا :
 
وكان لَا يَخْلُو مِنْ إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: إِمَّا صَائِماً، وَ إِمَّا قَائِماً، وَ إِمَّا ذَاكِراً، وَ كَانَ مِنْ عُظَمَاءِ الْعِبَادِ وَ أَكَابِرِ الزُّهَّادِ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ.
 
وَ كَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ، طَيِّبَ الْمُجَالَسَةِ، كَثِيرَ الْفَوَائِدِ، فَإِذَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) اخْضَرَّ مَرَّةً وَ اصْفَرَّ أُخْرَى، حَتَّى يُنْكِرَهُ مَنْ كَانَ يَعْرِفُهُ، وَ لَقَدْ حَجَجْتُ مَعَهُ سَنَةً فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَانَ كُلَّمَا هَمَّ بِالتَّلْبِيَةِ انْقَطَعَ الصَّوْتُ فِي حَلْقِهِ، وَ كَادَ أَنْ يَخِرَّ مِنْ رَاحِلَتِهِ.
فَقُلْتُ: قُلْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، وَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ أَنْ تَقُولَ!
 
فَقَالَ: "يَا ابْنَ أَبِي عَامِرٍ، كَيْفَ أَجْسُرُ أَنْ أَقُولَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، وَ أَخْشَى أَنْ يَقُولَ عَزَّ وَ جَلَّ لِي لَا لَبَّيْكَ وَ لَا سَعْدَيْكَ"
 
وفي ختام الخطيبة توجه سماحته بالدعاء للمصلين ولكافة المسلمين بالامن والامان والبركة والاحسان وان يعجل الله فرج سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ).